أمستردام أول مرة..
يا للغرابة التي اعترتني حين نزلت أمستردام أول مرة، فكأن القطار قد أوصلني إلى إحدى لوحات انتونيو سقي الكرتونية. بدت الأشياء كبيرةً جداً وصغيرةً جداً في الوقت نفسه كما لو أني أكلتُ فطر أليس فغدوت أطول من البيوت المائلة وأعرض من القنوات المائية. ثمة خفّة لا يمكن التعبير عنها إلا بطريقة القديس أوغستين حين سُئل عن الزمان: "إذا سألتني فأنا لا أعرف الإجابة، أما إذا لم تسألني فأنا أعرف." المباني صغيرة وملمومة فكأنها بُنيت دفعةً واحدة، يتراوح عرضها بين متر ونصف وستة أمتار. من الصعب جداً إخفاء كنزٍ أو سرّ هنا. أظنهم يتبادلون الأسرار بلغة إشارةٍ مشفرة. النوافذ طويلة على الطراز الفرنسي. ربما خيّل لك أنهم لا يزرعون غير الصفصاف لكن الأكاسيا هنا والدردار وأشجار أخرى لو أمعنت النظر. التماثيل وحيدة، تخيط دموعها العناكب. هذا بلد المليون دراجة، هكذا تزعم الإحصائيات التي تؤكد على أن عدد السكان قرابة ٨٠٠ ألف نسمة لذا يبدو غريباً بعض الشيء أن يقيّدوا دراجاتهم مخافة السرقة. فلتُسرق! لم لا؟ لو كان كالفينو عمدة أمستردام لجعلهم يسرقون دراجات بعضهم البعض كما فعل في بلدته القصصية حيث ال