مراسلات
جثتِ المرأة وانكبت تجمع مِزق الرسالة لتقرأها. ما كانت لتهتم لو وجدتها في سلة القمامة، فذاك عمل الكلاب البوليسية ورجال المخابرات. لولا أن ساعي البريد -وقد صار الآن أقرب إلى مندوب توصيل- هو من طرق الباب وسلمّها الرسالة الممزقة في مظروفٍ سليم. وهكذا راحت تحاول ترتيب الكلمات في لعبة بازل من ٦٤ قطعة. كانت تحملها بحرص واحدةً واحدة كما لو أنها من الخزف. من البديهي أن تبدأ الرسالة باسمها وتنتهي باسم المرسِل أو قبلاته لكن ما أصعب وضع الكلمات في مكانها الصحيح، ثم وضع الجمل في موقعها الصحيح. فإذا وجدتْ كلمة "قف" مثلاً عليها أن تغرزها في الموقع الصحيح مثل إشارة مرورية وإلا فات الأوان وكان سوء الفهم والحادث الشنيع. ربما يجب أن تبحث، ليكتمل معنى "قف"، عن مفردة مثل الأقدام أو الطريق أو حتى الزمن. "قف وإلا عثرت على نفسك" هذه رسالة لأوديب الملك وليست لها. ماذا لو وجدتْ كلمة "موت"؟ أتكون هذه المزق نعياً؟ أم تراها رسالة انتحار؟ أم لعلها وصية؟ لكن ماذا لو كان المقصود "الموت حباً"؟! إن رسالة ممزقة تقول أحياناً أكثر مما تقوله مئات الرسائل. هذا يشبه أن تمزق ن