ليلى وغادة..
كانت ليلى في الخامسة من عمرها تسمّي اليوم "أمس" أما غادة التي تصغرها بسنتين فتسمّي اليوم "بكره". هل تعجلت ليلى فتدافعت نحو المستقبل أم تريثت غادة وراحت توازن خطوتها؟ بدت الصغرى في عين الأب أكثر فطنةً وحذراً من الكبرى وهي تدخر منذ الطفولة أغلب اليوم فلا تقتات منه إلا القليل، في الوقت الذي أضاعت فيه ليلى يوماً ثميناً من عمرها وصار لزاماً عليها أن تبحث عن اليوم المفقود كل صباح. لو أن أحداً سرقه منها لخرج أبوها وقتله وعاد يحمل يومها على كتفه. سيغسله أولاً حتى تذهب عنه دماء السارق ثم يعيده إليها مؤكداً أن تحفظه جيداً هذه المرة. أما إذا كانت قد وهبته من نفسها فقد وهب جدّها من قبل قطعة أرض لأحد الأقارب وعاش طيلة حياته لا يملك بيتاً أو حتى قطعة أرض. لو ظلتا متحابتين كما هو الحال الآن فلا بد أن غادة ستقاسمها ساعات اليوم حتى آخر عمرها كما تقاسمها ليلى الشطائر والحلويات. كان الأب قد سألهما يوماً أن تمنحانه بعضاً من حبات الفشار فملأت كل منهما راحتها الصغيرة بطيبة نفس. ولما قارب الفشار على الانتهاء -والمرء يمنح في السعة لكنه يتردد عند الضيق، ولهذا يسبق الدرهم ألف درهم- قال أبوه