قصة لكارن بلكسن






يحكى أن رباناً أطلق على سفينته اسم زوجته. في مقدمة السفينة، كان تمثال الزوجة منحوتاً ببراعة، مثلها تماماً، والشعر مطليًّا بالذهب. غير أن الزوجة كانت تغار من السفينة، تقول إنه يفكر في ذلك التمثال أكثر مما يفكر فيها. أنكر زوجها قائلاً: " أفكر فيها كثيراً لأنها تشبهك، لأنها أنتِ. ألا تبدو ساحرة ومثيرة؟ ألا ترقص على الأمواج كما كنتِ ترقصين في حفل زفافنا؟ حتى أنها بشكلٍ أو بآخر تبدو أكثر لطفاً منكِ. تمضي حيثما أقودها وتترك شعرها يتدلى حراً بينما ترفعينه تحت قبعتك. ولكنها تعطيني ظهرها، ولهذا كلما رغبتُ في قبلةٍ عدت إلى البيت في إلسينور". وفي إحدى المرات، حين كان الربان يحمّل السلع في ترانكبار. صادف أن ساعد ملكاً كبير السنّ، من أهل البلاد، في الفرار من بعض الخونة. وعندما افترقا أهداه الملك حجرين أزرقين ثمينين، فقام بوضعهما في وجه التمثال مثل زوجٍ من العيون. ولما عاد إلى موطنه أخبر زوجته بتلك المغامرة، قال: " والآن صارت لها عيناكِ الزرقاوان أيضاً. " فقالت: " كان من الأفضل لو أهديتني تلك الأحجار لأجعلها أقراطًا لي." رفض زوجها: " لا أستطيع أن أفعل ذلك، لو تفهمتِ الأمر لما طلبتِها مني." لم تستطع الزوجة أن تتوقف عن التفكير في الأحجار الزرقاء. وفي أحدِ الأيام، عندما كان زوجها في اجتماعٍ للربابنة، جاءت بزجّاجٍ من البلد لينزع الأحجار من التمثال ويضع بدلاً منها قطعتين من الزجاج. لم ينتبه زوجها وأبحر إلى البرتغال. وبعد أيام أخذ نظر الزوجة يسوء حتى ما عادت قادرةً على إدخال الخيط في الإبرة. ذهبت إلى الحكيمة فأعطتها بعض المراهم، ولما لم تُجدِ نفعاً هزت العجوز رأسها وأخبرتها بأن هذا المرض النادر لا شفاء له، وبأنها ستصبح عمياء. " يارب " صاحت الزوجة، ما إن تعود السفينة إلى مرفأ إلسينور حتى أعيد الجوهرتين مكان قطعتي الزجاج. ألم يقل إنهما عيناي؟ ولكن السفينة لم تعد، وبدلاً من ذلك تسلمت زوجة الربان رسالةً من قنصل البرتغال يقول فيها إن السفينة قد تحطمت وغرق كل من عليها. وأردف، كان غريباً جداً أن تمضي سفينةً من فورها، في وضح النهار، لترتطم بصخرةٍ ناتئةٍ في البحر*



* ترجمة عبدالله ناصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في مديح التنورة القصيرة..

حدائق السجن

"ألا يا اهل الرياض اول غرامي".