ضع الرأس أولاً - عبدالله ناصر





يصحو. يوقظ برقّةٍ رأسه النائم بجواره. يحمله ويغرزه جيداً بين كتفيه حتى لا تخلعه الريح مثل قبعة وتلقيهِ على الأرض. سيتسخ في أحسن الأحوال كما حدث أمس فينفضه من التراب والغبار، قد ينثلم أو يعوّج فيضطر إلى إصلاحه مرةً أخرى، أو يحدث ما هو أسوأ: تركل رأسه ريحٌ قوية فتدحرجه ويضطر إلى اللحاق برأسه. يجري الرأس مثل أرنبٍ أو لص، ويجري الجسد خلفه مثل كلبٍ أو شرطي. عندما يتأخر عن العمل، يخرج مستعجلاً فينسى رأسه، ينبهه الناس فيعود إلى البيت، يمسك هذه المرة رأسه مثل خوذة ولكن القوانين هنا تمنع منعاً باتاً السير بلا رأس في الشارع. يمكن لرجل المرور حينها أن يوقفك أو حتى يزجّك في السجن. لن تجدي استعطافات من نوع: " نسيت سامحني أرجوك، رأسي ثقيل جداً ويؤلمني حمله طوال اليوم، بصراحة لم أجد رأسي هذا الصباح، الخادمة سرقت رأسي، ... ". ولن يجدي غضبك وانفعالك: " حتى أنت أيها الشرطي نسيت رأسك هذا الصباح". على المرء أن يتحسس بين الحين والآخر رأسه مثلما يتحسس مفاتيحه، تعرف ذلك، لا عذر لك. يجب أن يكون رأسك في مكانه المخصص له. ليس مهماً أن يكون الوجه في الاتجاه الصحيح، يمكنه أن يكون على أي جانب بل وحتى في الخلف. المهم أن يكون هناك رأس، أيّ رأس.

تعليقات

  1. جميل بمعنى الكلمة ، دائماً أنت الكاتب المفضل بالنسبة لي

    ردحذف
  2. رااائع حقا
    قصة رمزبة جميلة جداا

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في مديح التنورة القصيرة..

حدائق السجن

"ألا يا اهل الرياض اول غرامي".