رأيت فيما يرى النائم
رأيت فيما يرى النائم يدًا تندفع من باطن الأرض مثل فسيلة، وحين مددتُ يدي نحوها تشبثتْ بي كما لو أنها لغريق، ولم تفلتني حتى خشيت أن تغرقني ما لم أساعدها. جاهدتُ في البدء حتى أنتزعها ثم جاهدت لأنتزع يدي منها، وفي هذه الأثناء انشقت الأرض فصعد الرجل، وبعد دقائق تبعهُ رجلٌ آخر. أخذ الاثنان ينفضانِ عنهما التراب حتى أوشكت عاصفةٌ من الرمل أن تطمرنا نحن الثلاثة.
كان الأول أبيض، وبالرغم من حاله الرث بدا عليه سمت الملوك والأباطرة، أما الآخر فأسود أنجبته الشوارع الخلفية على عجل. تنحنح الأبيض الذي عرفت فيما بعد أنه الاسكندر الأكبر فظننت أنه سيردد ما يشبه: "وقد طوّفتُ في الآفاقِ حتى.. رضيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ"، ثم تنحنح الأسود الذي سرعان ما تبين أنه محمد علي كلاي، فأيقنتُ أن حديثه لن يبتعد عن هذا البيت: "وعدتُ من المعاركِ لست أدري.. علامَ أضعتُ عمري في النزالِ".
قلتُ سيتنادمانِ الآن مثل سكيرين، لا بد أن لديهما الكثير مما يرغبان في قوله بعد أن تمكنّا أخيرًا من مغادرة العالم السفلي، خصوصًا الاسكندر فقد قضى زمنًا طويلًا هناك، غير أنه قال: "أيها العبد، هاتِ جوادي بوكيفالوس، آكل لحوم البشر، ولتجمع ما استطعت من الرماة والمشاة والفرسان المدرعين فقد هفت نفسي لمعاودة الفتوحات الآسيوية". رد محمد علي بنبرةٍ زنجيةٍ ساخطة: "يا ابن القحبة، لقد اشتقت أنا أيضًا لاستعادة لقب بطل العالم في الوزن الثقيل". بدا أن كلاي قد تعافى تمامًا من الباركنسون إذ راح يرقص بخفة حتى قلت إنه حقًا يرقص مثل الفراشة.
لا أدري ما الذي حدث بعد ذلك، لأن الاسكندر استل سيفًا طويلًا كأنه رمح وهجم على كلاي المشغول بالبحث عن قفاز الملاكمة فاستيقظت. انقطع الحلم كما ينقطع البث قبيل أن يطلق أحدهم الرصاص أو يسدد ضربة جزاء حاسمة. عدتُ للنوم فحلمت أني في موسكو، أركض في الساحة الحمراء بحثًا عن الاسكندر وكلاي، فلم أجد غير صعلوكين ينتحلان شخصيتيهما فاستيقظت خائب الأمل للمرة الثانية.
صحوت في السابعة، ركبت السيارة وبينما أقود أفزعتني جلبةٌ في صندوق السيارة، تبدو أشبه بجلبة رجلين مقيدين وعلى فم كلٍ منهما شريطٌ لاصق.
تعليقات
إرسال تعليق