المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٦

إطلاق السالِفَين - غيّرمو روساليس

صورة
ما إن فُتِح باب صالون أليبيو للحلاقة، في الصباح الباكر، حتى دخل رجلٌ له وجه سفاح، مرتدياً زيّاً أزرق لحارس أمن، بجرابٍ ملئ بالطلقات، يتدلى منه مسدس من طراز ستار. سرت رعدة في قدمي أليبيو _حالما رآه_ وتصاعدت حتى استقرت في قلبه الذي اضطربت نبضاته. لقد كان هو. لم ينس أليبيو ذلك الوجه الطيني، وتلك الأذنين المشعرتين، والسنّ الذهبي، والشارب النحيف الذي كان صرعةً دارجةً في الخمسينات. لقد كان هو. لم تستطع تلك الثلاثين عاماً أن تغير ملامحه الرئيسية. لقد كان هو. هنا في ميامي، حارس أمن في المقبرة أو في متجر ملابس. أما هناك في كوبا، قبل الثورة، فقد كان النقيب السافل أوفيديو ساما ذو الصيت العنيف والآثم في المخابرات العسكرية. خطر في ذهن أليبيو لأول مرة أن ابنه كان سيبلغ الثامنة والأربعين، وبتلك الموهبة الحسابية، كان من الممكن أن يغدو الآن اقتصادياً لامعاً أو محاسباً عبقرياً. هذا ما كان يدرسه في الجامعة _ المحاسبة_ عندما قتلوه. - " هل ترغب في الجلوس؟ هناك حلاق آخر ولكنه لن يأتِ قبل العاشرة." سأله أليبيو. - " جئت من أجل الحلاقة فقط." أجاب بصوتٍ خشنٍ يتوافق مع ملامحه. -

الروائي محمد عبدالنبي يكتب عن فن التخلي:

ما بين سطرٍ واحدٍ وصفحةٍ كاملةٍ تتراوح محتويات فن التخلّي، المجموعة القصصية الأُولى للكاتب السعودي عبد الله ناصر والصادرة حديثًا عن دار التنوير، غير أنَّ أغلب القصص الواحد والثمانين مكتوبة في فقرةٍ واحدةٍ مِن بضعة سطورٍ، في كثافة قصيدة النثر وطرافتها، وطموح الأقصوصة أو النادرة إلى اكتناز العالم كله بين قوسَي تنصيصٍ. لن يشعر القارئ بهويةٍ تقليديةٍ لكاتب هذه الأقاصيص، بمعنى قدرتنا على تحديد سياقٍ مُحدَّدٍ له، سياق مكاني وزماني وثقافي، إنه فقط يكتب في أيامنا هذه التي تنهزم فيها الحدود الحاسمة، على الأقل في الواقع الافتراضي، وتنحسر فيها أساطير نقاء العرق والنوع، على الأقل بين الأنواع الفنية، ويغيب فيها التشبث الأحمق بالخصوصية، على الأقل في بعض منتجات الفن والثقافة. كأننا أمام ذاتٍ عالميةٍ، تتحرّك بحريةٍ تامةٍ على خريطة جوجل إيرث، وبين روايات وأفلام وموسيقى وأعمال فن تشكيلي تنتمي جميعها إلى التراث الإنساني عمومًا والغربي خصوصًا واللاتين أمريكي تحديدًا. غير أنَّ الفن هُنا ليس لذاته، فكأنه مجرد ذريعةٍ للعبةٍ أشمل وأخطر، لعبة خلط الأزمنة والأمكنة، لتصير المرجعية الفنية والثقافية مجرد آلة