المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠١٩

رأيت فيما يرى النائم

صورة
  رأيت فيما يرى النائم يدًا تندفع من باطن الأرض مثل فسيلة، وحين مددتُ يدي نحوها تشبثتْ بي كما لو أنها لغريق، ولم تفلتني حتى خشيت أن تغرقني ما لم أساعدها. جاهدتُ في البدء حتى أنتزعها ثم جاهدت لأنتزع يدي منها، وفي هذه الأثناء انشقت الأرض فصعد الرجل، وبعد دقائق تبعهُ رجلٌ آخر. أخذ الاثنان ينفضانِ عنهما التراب حتى أوشكت عاصفةٌ من الرمل أن تطمرنا نحن الثلاثة.   كان الأول أبيض، وبالرغم من حاله الرث بدا عليه سمت الملوك والأباطرة، أما الآخر فأسود أنجبته الشوارع الخلفية على عجل. تنحنح الأبيض الذي عرفت فيما بعد أنه الاسكندر الأكبر فظننت أنه سيردد ما يشبه: "وقد طوّفتُ في الآفاقِ حتى.. رضيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ"، ثم تنحنح الأسود الذي سرعان ما تبين أنه محمد علي كلاي، فأيقنتُ أن حديثه لن يبتعد عن هذا البيت: "وعدتُ من المعاركِ لست أدري.. علامَ أضعتُ عمري في النزالِ".    قلتُ سيتنادمانِ الآن مثل سكيرين، لا بد أن لديهما الكثير مما يرغبان في قوله بعد أن تمكنّا أخيرًا من مغادرة العالم السفلي، خصوصًا الاسكندر فقد قضى زمنًا طويلًا هناك، غير أنه قال: "أيها العبد،

مدريد أول مرة

صورة
عندما زرت مدريد أول مرة حرصتُ على زيارة حلبة الثيران في اللاس فينتاس أكثر من المثلث الفني للبرادو، وما إن هبطنا في مطار بارخاس حتى انطلقت إلى كشك التذاكر.  كان البائع لا يجيد الانجليزية ولا حتى الانجليزية الركيكة التي ادعى ماركيز أنها اللغة العالمية، فعلى حد قوله لو أن أحداً تحدث الانجليزية بشكل مقبول لما وجد من يفهمه. حدثني البائع بالأسبانية ثم بالإشارة وأخيرًا باليورو، أما أنا فركنت إلى كلمةٍ واحدة فقط "لا"، وكم بدت منيعةً مثل حصن. يلوذ بها المرء فلا يقطع وعدًا ثم يخلفه، ولا يفتح بابًا للريح ولا الشيطان ولا الندم. وقد سبق وحذرنا رجال الدين من ألسنتنا التي تقودنا إلى الهلاك بالرسن تارة وبالرائحة تارةً أخرى وأكد على ذلك رجال المافيا بمقولتهم الشهيرة: "الفم للصمت وليس للكلام". ما وُضِع اللسان في الفم إلا ليبقى هناك فإن خرج وقعت الكارثة شأنه في ذلك شأن الرصاص في المسدس، والمسدس في الجراب. ولما طال وقوفي عند الكشك تطوع أحدهم فأوضح أن المدرج نصفه مشمس وتذاكره هي الأرخص والنصف الآخر تحت الظل وهو الأغلى وبينهما بعض المقاعد التي لو صبرت قليلًا سيلحقها الفيء و