المشاركات

عرض المشاركات من 2018

كوابيس أليفة..

صورة
  كان كابوسها الوحيد لا ينتهي حتى عندما تستيقظ بل ينهض لمرافقتها طيلة اليوم. لا وحوش ولا موتى ولا حروب ولا قيامة. يمكن القول إنه كابوس أليف لولا استمراره، وهذا ما يجعله بالتحديد مزعجاً.  كانت تسمع صوت أقدام أحدهم تدنو منها بخطىً ثابتة حتى توقظها فتبتعد من تلقاء نفسها. لا أثر في الغرفة لولا السكون الغريب الذي يخلّفه بالعادة مغادرة شخصٍ للتو. كان كعب الحذاء يطرق سمعها كما لو أن أذنها من رخامٍ أو باركيه. حدسها يقول إن الحذاء أسود بل ومن ماركة سلفاتوري فيراغامو. لا يقصد اللصوص غالباً  مثل هذه المتاجر الفخمة. هذا شخصٌ لا يخطط لسرقتها كما لا يخطط لقتلها، لو شاء لخنقها أو حزّ عنقها في أول ليلة. تتمنى أحياناً لو يقتلها فترتاح، لكن دون أن يخنقها أو يحز عنقها. لن يحدث شيءٌ من هذا وسيكتفي فقط بمطاردتها في النوم واليقظة.  ودت لو ترى ذلك الشخص، لو تصحو مرةً واحدةً قبل مغادرته لكن المرء لا يصحو بالعادة من الكوابيس إلا متأخراً. تظاهرتْ بالنوم وكادت أن تباغته في إحدى الليالي لولا أنه استدار في اللحظة الأخيرة وعاد من حيث أتى. حاولت اللحاق به، لا لتمسكه بل لتعرف من هو فقط، كانت خطواته تبتع

البيت

صورة
-١- كلما فتح أبي الباب، اندلقت أحشاء البيت. -٢- كان في بيتنا القديم زهرة توليب تحدّق فيها طوال الوقت جدّتي العمياء. لا أدري من زرع التوليب البنفسجي على الحائط. نسيت أن أقول إنها مجرد صورة مائلة إلى اليمين قليلاً، ربما نسيها المستأجر السابق. ظلّت صورة التوليب مائلةً إلى اليمين طوال سنوات، في مأمنٍ من يقظة أمي واجتهاد الخادمة والنظرات الطائشة لجدّتي. أظن لو قام أحدنا بتعديلها في ذلك الوقت لسارعنا في الحال إلى إعادتها مائلةً إلى اليمين قليلاً. -٣- في الخارج، يقف باب البيت مثل حارس، لا يتذكر من طفولته إلا القليل، كما لا نتذكر نحن أيضاً إلا ما يرويه لنا الآخرون من قصصٍ يقضمها النسيان والزمن. كلما تقدّم في السنّ نسيَ أكثر حتى خشيت أن ينكر طفولته كما ينكر الصغار طفولة آبائهم. صار يهذي ويعلو صريره حتى أصابه الخرف واحتجزنا في البيت. حاولنا فتحه ولم نستطع، فركلناه أكثر من مرة حتى انكسر وما عاد ينغلق أبداً. كلما عدت إلى البيت وجدته موارباً يدعو اللصوص إلى الدخول، وعندما أعاتبه يقول إنه يحنّ إلى اليوم الذي لا يدخل ولا يخرج منه أحد. -٤- في الداخل، كرسي هزاز تهشم منذ سنوات. كلما ألقي

أمستردام أول مرة..

صورة
يا للغرابة التي اعترتني حين نزلت أمستردام أول مرة، فكأن القطار قد أوصلني إلى إحدى لوحات انتونيو سقي الكرتونية. بدت الأشياء كبيرةً جداً وصغيرةً جداً في الوقت نفسه كما لو أني أكلتُ فطر أليس فغدوت أطول من البيوت المائلة وأعرض من القنوات المائية. ثمة خفّة لا يمكن التعبير عنها إلا بطريقة القديس أوغستين حين سُئل عن الزمان: "إذا سألتني فأنا لا أعرف الإجابة، أما إذا لم تسألني فأنا أعرف." المباني صغيرة وملمومة فكأنها بُنيت دفعةً واحدة، يتراوح عرضها بين متر ونصف وستة أمتار. من الصعب جداً إخفاء كنزٍ أو سرّ هنا. أظنهم يتبادلون الأسرار بلغة إشارةٍ مشفرة. النوافذ طويلة على الطراز الفرنسي. ربما خيّل لك أنهم لا يزرعون غير الصفصاف لكن الأكاسيا هنا والدردار وأشجار أخرى لو أمعنت النظر. التماثيل وحيدة، تخيط دموعها العناكب. هذا بلد المليون دراجة، هكذا تزعم الإحصائيات التي تؤكد على أن عدد السكان قرابة ٨٠٠ ألف نسمة لذا يبدو غريباً بعض الشيء أن يقيّدوا دراجاتهم مخافة السرقة. فلتُسرق! لم لا؟ لو كان كالفينو عمدة أمستردام لجعلهم يسرقون دراجات بعضهم البعض كما فعل في بلدته القصصية حيث ال

ثلاث قصص قصيرة جداً لدان رودز

صورة
ترقُب بشعرها الأشقر الطويل، وبشرتها البيضاء كالزنبق، وشفاه كيويبد المقوسة بدت ماريديل مثل ملاك. بطبيعة الحال كنت سعيداً بحملِها لولا عيون الطفل الضيقة التي وشت بخيانتها. اعتذرتْ وسامحتها. سرعان ما حملتْ وأخذنا نترقب مرةً أخرى ولكن الطفل كان بني اللون كالبندق. لم أتفوه بكلمة، بدت في منتهى الروعة والخلاسي الصغير ممهداً على ذراعها. ما كنت لأخاطر بفقدانها. قلتُ: "أخيراً، طفلنا نحن." قبلة واحدة فقط من ذلك الفم الكامل أعادت الأمور إلى  نصابها. فوجي تبدو يولنثي مثل جبل فوجي، فخمةً ومغوية من بعيد وما إن تقترب منها حتى تخيّب أملك. كلما أتى خطّابها بالورود والغيتارات الإسبانية أسررت لهم بذلك. عندما لا تسمعني أقول لهم: "ستندمون إذا قربتموها منكم". يظنون أني أهددهم فأهمس قائلاً: " أعرف إنها شديدة الجمال لكن ما إن تعرفونها عن قرب حتى تجدونها في الحقيقة فتاةً عادية". يسألوني مادام الحال هكذا لماذا لا أتركها. أتأتئ مرتبكاً، لا أعرف كيف أبرر الأمر. قِطع ‎اختطفوا صديقتي وطلبوا مبلغاً ضخماً من المال قبل أن يعيدوها. كنت ممتناً لهذا السلام

ضمير ـ إيتالو كالفينو

صورة
جاءت الحرب، وجاء رجلٌ يدعى لويجي يسأل ما إذا كان ممكناً التطوع. أثنى عليه الجميع، وذهب لويجي حيث يسلّمون البنادق. أخذ بندقيته ثم قال: "والآن سأذهب لأقتل المدعو ألبرتو." سألوه من يكون ألبرتو. فأجابهم: " عدو"، وأضاف " عدوي أنا." فأوضحوا أنه من المفترض به أن يقتل أعداءً من فئةٍ معينة لا كل من يود قتله. "إذن؟" قال لويجي، " تظنون أني أحمق؟ ألبرتو هذا تحديداً من تلك الفئة. إنه منهم. عندما بلغني أنكم ستحاربونهم فكرت في مرافقتكم، وهكذا أستطيع أن أقتل ألبرتو. لهذا جئت، أعرف ذلك المحتال. لقد غدر بي لأجل أمرٍ تافه، وجعلني أبدو أحمق أمام تلك المرأة. الحكاية قديمة جداً، إذا كنتم لا تصدقونني سأحكيها لكم كاملة." قالوا: حسناً، لا بأس. " والآن؟ سأل لويجي، " أخبروني بمكان ألبرتو وسأذهب للقتال هناك." فأجابوه بأنهم يجهلون مكانه. " لا بأس " علق لويجي، " سأجد عاجلاً أو آجلاً من يخبرني بمكانه فألحق به." أخبروه بأن ذلك ممنوع، عليه أن يحارب حيث يرسلونه، ويقتل كل من يصادفهم هناك، فهم لا يعرفون شيئاً عن هذا الألبرتو. "

السيد خوارّوث - غونزالو تافاريز

صورة
-١- كلما ذهب السيد خوارّوث للتسوق غمرته الدهشة من أشكال وألوان المنتجات المختلفة على الرفوف حتى ينتهي به الأمر بالوصول إلى الكاشير بسلّةٍ فارغة. في الحقيقة، لقد اعتاد السيد خوارّوث الذهاب للتسوق لرؤية الأشياء لا لشرائها. لم يكن يذهب من أجل مشترياتٍ مادية، بل بصرية. ولأنهم كانوا قد اعتادوا بالفعل على طباعه، كان العاملون بالسوبرماركت كلما رأوه يدخل يقولون أحياناً:" سيد خوارّوث، لقد وصلت بعض المنتجات الجديدة، هناك في الرف الأخير لذلك الممر." وبعد أن يشكرهم على تلك المعلومة يحثّ خطاه متلهفاً في الاتجاه الذي أشاروا إليه. -٢- كان السيد خواروث يتردد في حمل كوب قهوته لأنه لا يجد بُداً من التفكير بأننا لا نمسك بأيدينا الأشياء بل هي من تمسك بأيدينا، وهذه الحقيقة كانت تكدره لكونه لم يستطع تقبّل أن كوباً بسيطاً يقبض يده مثلما يقبض عريس أرعن على الأصابع الخجولة للعروس. وهكذا بدلاً من الإمساك بكوبه، كان السيد خواروث يقضي دقائق طويلة محدقاً إليه بعدائية، ثم يشكو من قهوته الباردة. -٣- كان السيد خوارّوث يُصِر على حجز دُرجٍ

الحاجة إلى الأبواب

صورة
  قال إن الحياة في هذا البيت لم تعد تطاق، وغادر. كان في ما مضى يكتفي بصفع الباب فقط فتصالحهُ على الفور، أو تصفع الباب هي الأخرى فيتراجع عن غضبهِ ويتصالحانِ بصمتٍ دون حاجةٍ إلى الاعتذار.  لطالما تبادلا تلك الصفعات خصوصاً في الشجارات الحادة حتى بلغ بهما الحال ذات يوم إلى أن يمسك كلٌ منهما مقبض الباب لساعةٍ كاملة، ويصفعه بكل ما أوتي من قوة حتى ظن الجيران أنهما سينفصلانِ حتماً هذه المرة أو على الأقل سينفصل ذلك الباب. خطر لهما أن يخلعا الأبواب كلها فلا يتشاجرا مجدداً، وقد توقفا فعلا ً عن الشجار، غير أن الأبواب المخلوعة كانت توسوس لهما بالهرب. أدركا في الحال أن الأبواب ليست لمنع الآخرين من الدخول كما يتصور الكثير، بل ليمنع الناس أنفسهم من الخروج. أعادا الأبواب في اليوم التالي وبعد يومين أو ثلاثة عادا لصفعها.  تعرف هي أن الحياة في البيت لم تعد تطاق، لكنها تعرف أيضاً أنها لا تطاق في أي مكانٍ آخر. ليس هذا ما يقلقها، الحقيقة أنها المرة الأولى التي نسي أن يصفع فيها الباب. سيتذكر ذلك بعد دقائق ويعود بسرعة ليصفع الباب وكم سيبهجها ذلك.

البنادق وحمالات الصدر

صورة
كانت الحياة حلوة حتى انتبه الإنسان إلى عجزه عن الطيران. كلما حام طائرٌ في الهواء أخذ يقفز خلفه فلم يعرف من الطيران غير السقوط. كانت ساقاه تهوي إلى الأرض كلما رفعها، وللأمانة فقد كانت أكثر نفعاً على الأرض. تقفُ وتمشي وتعدو وتركب الحصان والنخلة والجبل.  كلما غردت العصافير أو نعبت الغربان ظنّ الإنسان أنها تسخر من ساقيه العاجزتين وكتفيه المشعرتين بلا أجنحة فعاد تعيساً رغم كونه يعيش تلك الأيام أزهى عصوره الغرامية حتى بلغت السعادة بالرجل أن يتوقف عن اختلاس النظر إلى مؤخرة جارته كلما سنحت الفرصة. بل لقد كانت قدم المرأة على قدم زوجها حرفياً لأنه كان يحمل نهديها أينما ذهبت. لم تُعرف في ذلك الزمن الجميل حمالات الصدر حتى جُنَّ أحد الحمقى واخترع جناحاً أسماهُ " بندقية ". لم تساعده على الطيران بالطبع لكنها أوقفت الطيور عند حدّها. انشغل الرجل بجناحه المشؤوم وترك نهدي زوجته يرعيان في الهواء الطلق حتى استثارا شهامة رجلٍ أرمل بادر إلى حملِهما براحتيه. مرّ الزوج ببندقيته فراعهُ ما رأى وأطلق النار في الحال على راحتي الأرمل فتناثرت أصابعه على الرمل. فقد الرجال عقولهم واخترعوا مزيداً من

٢٤ ساعة في بروكسل

صورة
أكتب في القطار عائداً إلى لندن بينما نعبر الحدود الفرنسية، كانت بروكسل باردة جداً وإن كان أهلها على العكس من ذلك فهم يحتفون بالكسل على الطريقة ا لفرنسية ويُقبِلونَ على البيرة منذ الصباح الباكر - شاهدت أحدهم يكرعها بالصحة والعافية في التاسعة صباحاً وربما بدأ مبكراً قبل خروجي من الفندق - كما أنهم يتبادلون القبلات القصيرة والطويلة، والجافة والرطبة، والتقليدية والحداثية، والعاطفية والشهوانية، والعادية والفانتازية في الأماكن العامة - ربما أكثر من الخاصة - بشكلٍ أكبر من الانجليز. وتؤكد صحة ذلك عشرات الكاتدرائيات المهجورة من قبل البروكسليين الآثمين وحتى كاميرات السياح وربما الرهبان والكهنة أيضاً. الناس هنا يؤمنون بالشوكولاته والوافل والبيرة والكوميك والأنتيك ويتنسكون فقط في تلك الحانات والمتاجر. وقد تعرضت لخدعة أو لنقل مقلب عندما قطعت تذكرة دخول متحف البيرة البلجيكية وما إن خطوت خطوةً واحدة حتى انتهى المتحف. لا شيء سوى بعض الأخشاب ورائحة الجعة التي ترافقني بعد ذلك في كل مكان وشاشة صغيرة تعرض فيلماً وثائقياً أو هكذا أتصور لأنني لم أنظر إليها إذ دعاني النادل ليقدم لي كأساً مجانية تقوم م

الندبة ..

صورة
  يتناولانِ العشاء بصمت، هو وذكرياته، دون أن ينظر أحدهما إلى الآخر. يبدوانِ من بعيد غريبينِ تماماً، وما إن تمعن فيهما النظر حتى يبدوانِ مثل زوجينِ جاءا إلى المطعم رغماً عنهما للاحتفال بذكرى زواجهما العشرين. يلومانِ في السر بعضهما البعض، ويذكرانِ في السر أيضاً بعضهما البعض بكل الأخطاء الكبيرة والصغيرة التي ظنا أنهما نسياها، وقد نسياها بالفعل، لكن الكراهية تنشط الذاكرة. يتصنعانِ اللطف أكثر من اللازم فيشعر النادل بالحرجِ كما يشعر بذلك كل من في المطعم لكنهم يتظاهرون بعدم الانتباه، ويتشاغلون بأطباقهم مترقبين اللحظة التي سيندلق فيها السِباب أو الحساء أو الاثنين معاً لينصرِف أحدهما ساخطاً ويترك الآخر ينهار وحده. لكنهما سيتابعانِ عشائهما بهدوء، ويعودانِ بالهدوء نفسهِ إلى البيت. ما زالا ينامانِ في غرفةٍ واحدة. وعندما تدير ذكرياتهُ ظهرها لتتعرى وتبدل ملابسها، يختلس النظر إليها. رباه كم كبُرتْ حتى لكأنها ذكرياتُ رجلٍ آخر. ماذا فعل الزمن بها؟ أم تراهُ من فعل ذلك؟ كم شاخت وترهلت ـ شاخ بالطبع هو أيضاً ـ وبالرغم من كل شيء ما تزال جميلة. تومض لبرهةٍ صورتها القديمة

أرق وقصص أخرى ..

صورة
( أرق ) لا ينام. يقع الأرق على جانبه الأيمن موزعاً بالتساوي على الطاولة الصغيرة والأباجورة فوقها وكوب الماء والكتب والنظارة والستائر. أما على الجانب الأيسر فمن السهل أن ينزلق في النوم لولا أن الكوابيس تنام في الجهة نفسها، ومن المتوقع أن يسطو أحدهم عليه للمرة الألف في كابوسه شبه الليلي فيصرخ مستنجداً بأخيه أو بسلاحه ولا أحد منهما يقيم في شقته.  وعندما ينام على ظهره يكدس الآلام والتشنجات في مرطبان الرقبة، أو يحدق لوقتٍ طويلٍ في السقف فيوسوس بأنه سيهوي في أي لحظة فيبقر بطنه الستلايت، ذلك  الضبع المعدني الذي ما انفك يفسد حياته بالأخبار العاجلة.  أما النوم على البطن فلا يليق برجلٍ يحترم نفسه ويفضّل عليه كل ما سبق لأن منظره يوحي بسيدٍ يهجم على الخادمة فوق البلاط البرتقالي للمطبخ فيطؤها دون موافقتها بمجرد أن تزور زوجته والديها. جرب أن ينام جالساً على الكرسي كأنه على متن قطارٍ أو طائرة، لكن سؤالاً حال بينه وبين النوم: متى سيصل؟ ( وصفة طبية للندم ) يندم كل يومٍ ثلاث مرات، ثلاث فقط، لا أكثر ولا أقل. لا يعني هذا ألا يسمح لنفسه بأكثر من ثلاثة أخطاء في اليوم الواح

ثلاث قصص قصيرة..

صورة
-1-  لا بد أن مكروهاً أصاب الطائر. مر يومان على غيابه، ولا أدري إن كان سيعود هذه المرة أم لا. ما كنا نفترق إلا عندما ينصرف أحدنا لشؤونه الخاصة، بل لقد كان يرافقني خفيةً إلى العمل. كنت عشّاً للطائر، ولولا أن الأعشاش لا يجب أن تطير لحلّقتُ بحثاً عنه. كان كتوماً، ربما أحببته لهذا السبب تحديداً، لا يشدو كالكناري، ولكن يطنُّ فقط، كم أفتقد إلى طنينه. وإذا كان الأثرياء يربّون الخيول، ويدلل الأقل منهم ثراءً القطط والكلاب، قلتُ لماذا لا أربّي هذه الذبابة؟ سخرتْ زوجتي كعادتها:   - " وكيف تعرف أنها  الذبابة نفسها؟ " - " لأنها لا تحطّ إلا هنا " وأشرت إلى الجهة اليسرى من رأسي. - " حسناً، لا مانع عندي، لكن تذكر أن الذباب لا يعيش أكثر من ثلاثة أسابيع."  ياللطيور التعيسة! صرت أبلل تلك البقعة من شعري حتى أسقي الذبابة بل لقد حذرت الحلاق من الاقتراب منها.  لو كنت فقط أنصتُ جيداً إلى طنينها لربما علمت أين هي الآن، ربما وجدتْ عشّاً آخر، تقول زوجتي. أشك أحياناً أنها قتلت الطائر كما قتلت غالا أرنب دالي. -2- أقول لك ببساطة إ