المشاركات

عرض المشاركات من 2017

الرجاجيل - سكاكا

صورة
تقول هيئة الآثار إن عمر هذه الأعمدة المنحوتة هنا حوالي ستة آلاف سنة، ويبلغ عددها تقريباً خمسين عموداً، وهي من المواقع الأثرية القديمة جداً في الجزيرة العربية إن لم تكن الأقدم. ربما كانت أحجار معبدٍ قديم كما هو حال أخواتِها ( ستونهنج البريطانية ) أو لعلها نُصِبت هناك لقياس الوقت أو لحسابات فلكية. ولأنها تبدو من بعيد جماعةً من الرجال الواقفين أطلقوا عليها هذا الاسم، وتضيف الأسطورة الشعبية أنهم رجالٌ كفروا بالنعمة حتى بلغ بهم السرف إلى الأكل بملاعق من ذهب فعاقبهم الربّ. في جوف هذه الجبال أطنانٌ من الذهب، يقول زميلي في رحلة العمل القصيرة فأمازحه: ولماذا لا نبحث عنها؟ يبتسم: لقد أذهب التنقيب عنها الكثير من العقول، كل المجانين هنا فقدوا عقولهم لهذا السبب، ثم هناك الجنّ الذي يحرس الذهب، وإن غفل عنك فلن تغفل الحكومة.  أتذكر كنز سييرا مادري وهو أحد أجمل أفلام همفري بوغارت. عندما فجروا الجبل بالديناميت قال إنهم جرحوا الجبل فعاتبه صديقه: ولماذا تتحدث عنه كما لو أنه امرأة من دمٍ ولحم؟ وعندما عثرا أخيراً على الذهب، قال الأول إن هذا الذهب يكفيه ليعيش بهناء طيلة حياته أما الآخر فردّ بخسّة ا

أيام مستعملة وقصص أخرى..

صورة
-١- كان شكه إذن في مكانه الصحيح، هذا اليوم مستعمل فعلاً، بدا صباحه مجعداً وعلى الظهيرة الآن تظهر بعض البقع الداكنة. لا بد أن أحداً استخدم اليوم قبله وأفسده، هذا اليوم ليس جديداً، هذا أمس أحدهم. لقد أخذ أجمل ما فيه وترك له هذه الأسمال. ترك الخرائط وأخذ الطريق، ترك الأبوين والإخوة وأخذ العائلة، ترك البيت وأخذ السكينة أو الوطن أو من يدري ماذا أخذ أيضاً. لعل هذه السنة مستعملة، بل قد تكون حياته المهترئة مستعملة أكثر من مرة. -٢- لفّ حوله السجاد حتى ما عدنا نرى منه إلا الرأس والقدمين، وارتمى على الأرض ثم صاح لا لكي نخلّصه بل لندفعه بأقدامنا فيتدحرج بعيداً مثل اسطوانة. رفضنا بالطبع فأخذ يتوسل إلينا ويستحلفنا بأغلى ما نملك حتى نركله في المنتصف تحديداً فلا ينحرف عن وجهته. اجتهدنا عبثاً لنقنعه، قال أحدنا: ولكن كيف ستعود؟ فأجاب بثقةٍ إنه لن يعدم أهل الخير هنا وهناك، لا بد أنهم سيركلونه حتى يعود إلى البيت.  دفعناهُ أول مرة فابتعد قليلاً، دفعناهُ مرةً أخرى فابتعد أكثر حتى غاب عنا وإن لم تغب ضحكته الهادرة. أشفقنا عليه في الأيام الأولى ولما انتبهنا إلى سعادته كلما ارتطم بحجرٍ وطار في ا

أربع قصص قصيرة جداً للأرجنتيني انريكي اندرسون إمبرت*

صورة
-١- تندم الزمن بشدّة عند ما رأى   ما فعله بذلك المسكين : مغطى بالتجاعيد،  بلا أسنان، يشكو الروماتيزم،  شاب شعره وانحنى ظهره . قرر أن يساعده بطريقةٍ ما فمرر يده على كل ما في ذلك المنزل : الأثاث والكتب واللوحات والأطباق ... ومنذ ذلك الوقت صار بمقدور العجوز أن يعيش،   ما تبقى من حياته،  على  بيع ممتلكاته بأثمانٍ باهظة، تلك الممتلكات التي صارت الآن أنتيكات نادرة. -٢- عدت إلى البيت في ساعات الفجر الأولى، مثقلاً بالنعاس والتعب . وعندما دخلت كان الظلام دامساً، وكي لا أوقظ أحداً مشيت بحذر حتى الدرج الحلزوني الذي يقود إلى غرفتي . وما إن وضعت قدمي بصعوبة على الدرج حتى تساءلتُ ما إذا كان هذا البيت بيتي أم بيتاً آخر يشبهه . كلما صعدت خشيت أن يكون ذلك الولد الآخر - قد يكون مثلي تماماً - نائماً في غرفتي، ربما كان يحلم بي، وأنا أصعد الدرج الحلزوني بهذه الطريقة . وصلتْ، فتحت الباب فوجدته هناك، أو لعله كان أنا، الغرفة مضاءة بنور القمر . جالساً بعينين متسعت

تعليمات الفقد - عبدالله ناصر

صورة
١ - لم يرحل بعد طالما هو يرقد في العناية المركزة . لا تعلن الحداد قبل أوانه . طبعاً لا يزال هناك أمل . ٢ - إذا كنت محظوظاً سيحدث هذا في سنٍ مبكرة أو متأخرة . في الأولى لن تفلح في إدراك ما حدث وما سيحدث، وفي الثانية سيغدو كل شيءٍ متوقعاً على الأغلب . ٣ - لن تدوم أيام العزاء الثلاثة طيلة حياتك ولكن قد تتغير حياتك إلى الأبد، وقد لا تتغير . ٤ - لا تتحدث إلى صورة الراحل، قد تبدأ هي الأخرى في محادثتك . ٥ - لا تنزع صورته من الجدار، لماذا تنزعها في الأساس؟ لن يعجّل هذا في النسيان كما لا يخلو من الوقاحة . ٦ - لا تتعمد النسيان بهجره تماماً ولا تتعمد الذكرى بزيارته الدائمة فهما - النسيان والذكرى - وأنت كذلك بحاجةٍ إلى بعض الوقت .  ٧ - إذا كنت تحتفظ بتسجيلٍ صوتي أو مرئي فسارع إلى التخلص منه . هذا ما يحتاجه اللاوعي حتى يصدّق أن الراحل يمكن أن يعود . ٨ - لا تتقمص شخصية الراحل، أو نبرته أو طريقته في الضحك أو الجلوس . قد تتحول إلى