المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٩

مارغريت..

صورة
زرت العام الماضي لأول مرة الكورتولد غاليري قبل أن يوصد أبوابه لثلاث سنوات بداعي التحسينات. تهندمت للقاء عارية مودلياني -رغم أن العري يبعث العري كما يبعث الأسى الأسى- وقد كانت عاريته النائمة على جنبها الأيسر قد بيعت للتو بأكثر من ١٥٠ مليون دولار. ضحكت حينما تذكرت قصةً لكورتاثار يغرم فيها أحد حراس المتحف بتمثال امرأة، ثم يكبر بطنها بعد أشهر. قلت لنجرب، ولما دخلت الكورتولد وسألت عنها، قالوا سافرتْ إلى متحف بلفاست. فتشتُ الطوابق الثلاثة بغيرة عشيق مخدوع فلم أجدها، وتذكرت كم طفت المتاحف لسنوات بحثًا عن عاريات غويا. قلت هذا حظي مع العاريات، ولو قصدت الآن شاطئا للعراة لاستتر الجميع ثم سافروا هم أيضًا إلى بلفاست. وفي هذه الأثناء انتبهت إلى عارية غوغان، خلاسية من جزيرة تاهيتي. اقتربت منها ورددت ما كان يردده عبدالوهاب كلما مر تحت شباك عزيزة ابنة الجيران: "أجولييت ما هذا السكوت؟!". لزمت عارية غوغان الصمت كما لزمته عزيزة، ولو ردّت لما ألّف لها عبدالوهاب مقطوعته الشهيرة المسماة باسمها. من نافلة القول إن المقطوعة الراقصة بديعة، وهي من المهارات الأساسية للرقص الشرقي.  رجوتُ

عبدالعزيز..

صورة
لو سُئلتُ عن طول بال عبدالعزيز لقلت إنه أطول من طريق الشمال أو ١٥٠٠ كم تقريبا. فهو لا يغضب عندما تتأخر عليه، وهو لا يغضب عندما ترجئ اللقاء إلى الغد من دون أن تعتذر، وهو لن يغضب أيضًا لو أخلفت موعدك في الغد أو حتى لو أخلف الغد موعده. لئن راح بارتلبي يردد بين الفينةِ والأخرى: "أفضّل ألّا"، فإن عبدالعزيز يردد طوال الوقت: "لم لا؟".  ترجوه أن يقلع عن التدخين، فقد قتلت السجائر أباه من قبل. يترحم عليه مرددًا صدقت بينما يطفئ سيجارته ثم يرمي علبة السجائر في القمامة. وبعد دقائق، يأتي ابن عمه ويمد له سيجارة فيشعلها ثم يترحم على الراحل "ترحيمةٍ تودع عظامه جدايد" كما تمنى الخلاوي. قد يبدو لكم متناقضًا وإن كنت أراه غير ذلك. لم لا يدخن؟ لم لا يقلع عن التدخين؟ لم لا يدخن؟ لم لا.. سيّان عند عبدالعزيز، فالسبب الذي يدعوه ليُقبِل على أمرٍ ما هو ما يدعوه أيضًا ليعرض عنه. كنا ندعوه "أبو شافي" لأن أحد شيوخ العائلة دعاه كذلك، وقد كان الشيخ شبه أعمى فلم ينتبه إلى أنه مجرد طفل سمين وليس الرجل المعني. وهكذا ظهر أبو شافي وغاب عبدالعزيز، وقد جرت العادة هنا

في مديح التنورة القصيرة..

صورة
كانت أول محاولة طيران ناجحة لتنورة في ٢٠١٢، في العام الذي تنبأت فيه المايا بنهاية العالم، وقد صدقت النبوءة هذه المرة ومات أبي. سافرت بعدها إلى مدريد، وأقمتُ في أحد فنادق غران فيا، خلفي ساحة باب الشمس وليس بعيدًا عني مثلث البرادو. أمشي في الساحة فأجد مبنى حكومي أحمر، ربما كان البرلمان أو البلدية، وفي الطريق تستوقفني البغايا من الصباح الباكر فأرد بالجملة الإسبانية الوحيدة التي أعرفها: "نو انتينديو" أي لا أفهم، فيجربنَ الحديث معي بلغةٍ أخرى لأعيد لهم تلك الجملة مرةً أخرى حتى انتبهت إحداهن فقالت بالعربية وهي تعلك مثل زينات صدقي: "يا حبيبي" فضحكتُ مرددًا: "نو انتينديو". أنعطف إلى اليمين فأصل إلى بلازا مايور أو إلى اليسار فأجد مبنى مهيبًا بأعمدةٍ أغريقية. أخمن أنه للقضاء، وأتذكر الجار الجديد الذي نصب في واجهة بيته عمودين كبيرين مثل هذه الأعمدة. لا أدري كيف يعيش الأبناء في بيتٍ له شكل محكمة. أتخيل الأب ينتظر أطفاله في الظهيرة، ممسكًا بالمصحف، وما إن ينزلون بحقائبهم الملونة من باص المدرسة حتى يجعلهم يقسمون على قول الحق ولا شيء غير الحق.  طارت