المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠٢٠

أبناء اليد..

صورة
  إذا كانت الأصابع الخمسة أبناء اليد فلا بد أن مصير هذه العائلة مرهونٌ بالسبابة، لا بابنها الأكبر. فالأصبع الأوسط كما لا يخفى على أحد مشغول بوسامته ومغامراته، وله تاريخٌ طويل من المجون والبذاءة، وغالباً ما سينتهي به الأمر مطعوناً في زقاق. أما الإبهام فلا يصلح لأكثر من مراجعة الدوائر الحكومية وعدّ النقود. ربما يساعد في حراسة المرمى. ينسى دائماً بَصمته هنا وهناك، ليس ذكياً صحيح لكنه شديد الانتماء للعائلة. حين نحمل الكأس مثلاً يتكفل وحده بجانب بينما يجاهد أخوته الأربعة في رفع الجانب الآخر. أما الإبن الأصغر فكسول، أنجبته أمه متأخراً فأسرفت في تدليله وهكذا نشأ في طيشٍ ومرح، وقد أدرك مبكراً أن السعادة هنا والآن فلم يكبر أبدا. يحتمي بأخوته فيدافعون عنه في كل شجار فلا يلحقه الأذى مع كل لكمة. البنصر يشبه ريكاردو بطل شيطنات الطفلة الخبيثة ليوسا. فتى طيب لا أكثر، تروتسكي حالم، لن يحب غير المرأة التي ستهجره. يضع الدبلة تحت وسادته فإذا استيقظ وضعها في جيبه، حتى يحين النصيب فيضعها ولا ينزعها أبدا مالم يقطع ذلك الأصبع. لن يدرك حتى بعد فوات الأوان كم بدد من فرصة ليكون عازف بيانو أعمى. هذه العا

كامل الشناوي

صورة
‏ منذ أعلنت دار الكرمة عن إصدارها ليوميات كامل الشناوي وأنا أغرق في شبرٍ من الحنين دون أن أطلب النجدة، دون أن أحرّك ذراعي أو قدمي، وما كنت لأصحو في سريري كل صباح لولا أن جذعًا من الحنان ظل يحملني طوال الليل.  كأن دار الكرمة ألقت على وجهي رزمةً من السنين فارتدّ عام ١٩٩٥ وعدت مراهقًا يردد قصيدة الشناوي: "آمنتُ بالحب في عروقي.. بالظنِ بالشوكِ باللهيبِ.. آمنتُ آمنتُ يا حبيبي.. آمنتُ فاغفر إذن ذنوبي.. يا فتنة الروح ما لروحي.. تضِل عن عفوك الرحيبِ.. كم راعها الدهر في صباها.. بكل قاسٍ من الخطوبِ.. ورُعتها بالصدودِ ويلي.. أأنتَ والدهرُ يا حبيبي؟! أينقضي العمر بين أهلي.. وأشتكي لوعة الغريبِ" رحت أدندنها على لحن السنباطي "أغارُ من نسمة الجنوب" ربما لأن القصيدتين تسبحان في البحر نفسه، وتتشاركان القافية نفسها بل وحركة الروي. أرددها فأنتبه أن كامل هو من علمني هذه العادة، طلب المغفرة، وهكذا رحت أسأل حبيبات الزمن الماضي أن يغفرن لي بمناسبة وبدون. لا بد أنني بدوت حينها أكثر بلاهةً من الأمير ميشكين.  لئن أخفق كامل في تعليمي الشعر إذ لم أكتب آنذاك أكثر من هذه السخافا