أبناء اليد..



  إذا كانت الأصابع الخمسة أبناء اليد فلا بد أن مصير هذه العائلة مرهونٌ بالسبابة، لا بابنها الأكبر. فالأصبع الأوسط كما لا يخفى على أحد مشغول بوسامته ومغامراته، وله تاريخٌ طويل من المجون والبذاءة، وغالباً ما سينتهي به الأمر مطعوناً في زقاق. أما الإبهام فلا يصلح لأكثر من مراجعة الدوائر الحكومية وعدّ النقود. ربما يساعد في حراسة المرمى. ينسى دائماً بَصمته هنا وهناك، ليس ذكياً صحيح لكنه شديد الانتماء للعائلة. حين نحمل الكأس مثلاً يتكفل وحده بجانب بينما يجاهد أخوته الأربعة في رفع الجانب الآخر. أما الإبن الأصغر فكسول، أنجبته أمه متأخراً فأسرفت في تدليله وهكذا نشأ في طيشٍ ومرح، وقد أدرك مبكراً أن السعادة هنا والآن فلم يكبر أبدا. يحتمي بأخوته فيدافعون عنه في كل شجار فلا يلحقه الأذى مع كل لكمة. البنصر يشبه ريكاردو بطل شيطنات الطفلة الخبيثة ليوسا. فتى طيب لا أكثر، تروتسكي حالم، لن يحب غير المرأة التي ستهجره. يضع الدبلة تحت وسادته فإذا استيقظ وضعها في جيبه، حتى يحين النصيب فيضعها ولا ينزعها أبدا مالم يقطع ذلك الأصبع. لن يدرك حتى بعد فوات الأوان كم بدد من فرصة ليكون عازف بيانو أعمى. هذه العائلة في طريقها إلى الضياع كما ترون لولا السبابة. هذه المبادرة اللحوح، تفتح علبة الكولا وتنادي المصعد وتمسح الدمعة وتعيد خصلة الشعر المنفلتة إلى مكانها لكن ما أخطرها عندما تمتد أفقياً لتبدو مثل أنف بينوكيو، فإذا انخفضت قليلاً كأنها تأمر كلباً بالجلوس فقد زال الخطر، لكن إذا ارتفعت مثل تحيةٍ نازية فإنها تتوعد، فإذا ارتفعت أكثر فقد أقسمت بعزيزٍ أو بالرب نفسه. لا خاتم للسبابة غير الزناد، ولن تتردد بالضغط في سبيل مجد العائلة أو هلاكها فإن لم تجد سلاحاً مرخصا أو غير مرخص يمكنها أن تنطلق مثل رصاصة جلدية لتفقأ العين.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حدائق السجن

"ألا يا اهل الرياض اول غرامي".

في مديح التنورة القصيرة..